قطاع الضيافة في دبي: تطلعات للمستقبل
يدخل قطاع الضيافة في دبي مرحلة جديدة من التوسع، مدعوماً بالارتفاع الكبير في أعداد الزوار الدوليين ومستويات الاستثمار القياسية. فقد استقبلت الإمارة 18.7 مليون زائر دولي قضوا ليلة واحدة على الأقل في عام 2024، بزيادة 9.1% عن العام السابق وتجاوزاً لمستويات ما قبل الجائحة، وفقاً لـتقرير الزوار السنوي 2024 الصادر عن دائرة الاقتصاد والسياحة.
وبنهاية عام 2024، بلغ مخزون دبي الفندقي نحو 154,000 غرفة فندقية موزعة على 832 منشأة، ارتفاعاً من 150,000 غرفة في 821 منشأة في العام السابق. ورغم زيادة المعروض، ارتفع عدد ليالي الإشغال بنسبة 3% ليصل إلى 43.03 مليون ليلة، بينما ارتفع العائد على الغرفة المتاحة بنسبة 2% ليبلغ 421 درهماً (114 دولاراً)، ما يعكس متانة السوق.
ومن المتوقع أن تضيف دبي ما لا يقل عن 11,000 غرفة فندقية جديدة إلى مخزونها بحلول عام 2027، معظمها ضمن فئتي الفخامة والفخامة العليا، واللتين تمثلان معاً نحو ثلثي العرض الفندقي في المدينة.
ومع تنامي مكانة دبي كإحدى أبرز أسواق الضيافة عالمياً، يلاحظ المحللون اتجاهاً واضحاً نحو الضيافة الفاخرة والتجريبية، مع زيادة الطلب من المسافرين الباحثين عن تجارب مميزة عالية القيمة.
سيل: تعريف جديد للضيافة الفاخرة والتجارب المميزة
يجسد مشروع سيل هذا التوجه بوضوح، كأيقونة جديدة في دبي مارينا ستحمل لقب «أطول فندق في العالم» عند افتتاحه في نوفمبر 2025.
يُطوّر المشروع ويُشغّل من قبل ذا فيرست جروب، وهو أحد فنادق Vignette Collection التابعة لمجموعة فنادق إنتركونتيننتال. ويبلغ ارتفاع البرج 377 متراً ويتألف من 82 طابقاً، ما يعزز من أفق دبي مارينا ومكانة المدينة كوجهة ضيافة عالمية.
يضم الفندق أعلى مسبح إنفينيتي في العالم بإطلالات خلابة على الخليج ونخلة جميرا، إلى جانب تجربة طعام متعددة المستويات تُشغّلها علامة Tattu البريطانية الشهيرة.
يمتد المفهوم عبر ثلاث وجهات: Tattu Restaurant & Bar، وTattu Sky Pool، وTattu Sky Lounge & Terrace، ليشكل تجربة ضيافة مميزة تجمع بين المأكولات العصرية والتصاميم اللافتة والخدمة الراقية.
ويضم سيل أيضاً منتجعاً صحياً، ومنصة مراقبة، وتجارب أسلوب حياة مُخصصة للمسافرين الباحثين عن إقامة لا تُنسى.
ويقول محللو القطاع إن مشاريع مثل سيل تعكس تحولاً أكبر في السوق. وجاء في تقرير KPMG لأداء السياحة في دبي 2025: «تعمل دبي على تنويع عروضها السياحية لتشمل مجالات الثقافة، المغامرة، السياحة العلاجية وسفر الأعمال». ويشير التقرير إلى أن الضيوف أصبحوا يفضلون تجارب إقامة شخصية وفريدة تتجاوز مجرد الراحة.
وبفضل مشاريع مثل سيل التي تضع معايير عالمية جديدة، تُعزز دبي مكانتها كوجهة رائدة للسياحة الراقية.
المحركات الاستراتيجية وتنوّع الزوار
يتماشى زخم القطاع مع «أجندة دبي الاقتصادية (D33)» التي تهدف إلى وضع الإمارة ضمن أفضل ثلاث وجهات سياحية عالمية بحلول 2033. وتركز الاستراتيجية على ثلاثة محاور: جذب أسواق جديدة وزيادة الأعداد من الأسواق الأساسية، تطوير السياحة المستدامة، وتوسيع عدد الفنادق المتوسطة والفاخرة.
وبحسب KPMG، بدأت الجهود تؤتي ثمارها، حيث ساهم تمديد تأشيرات السياحة للهنود في رفع الطلب، مع إعلان 70% من المستطلعين أنهم أصبحوا أكثر ميلاً لزيارة الدولة بعد هذا التغيير.
وتواصل الأسواق الآسيوية دفع عجلة النمو؛ فقد ارتفع عدد الزوار من شمال وجنوب شرق آسيا بأكثر من 24% على أساس سنوي في 2024، مدعوماً بتحسينات في الربط الجوي وتسريع إجراءات التأشيرات.
وتشير توقعات القطاع إلى نمو سوق الضيافة الإماراتي من 27 مليار دولار في 2025 إلى 35 مليار دولار في 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 8%.
وبفضل الأعداد القياسية من الزوار ومشاريع مثل سيل، يرسخ قطاع الضيافة في دبي مكانته كأحد أكثر الأسواق تنافسية وديناميكية على مستوى العالم.